المعادن الثمينة

ما هو تداول الذهب وكيف يتم؟

إن الذهب والمعادن الثمينة الأخرى، وكذلك النفط الخام، والنحاس، والبترول، هي سلع صلبة تؤدي دوراً رئيسياً في سوق السلع، وهي سلع قابلة للتداول يتم تداولها بعقود. تشمل قائمة عقود المعادن الثمينة العقود الآجلة، والأسعار الفورية، والخيارات الآجلة، والخيارات.

الوسيلة التي تتيح التفاوض على العقود الآجلة هي سوق تبادل العقود الآجلة، أو السلع الأساسية. يمكن للمستثمرين في جميع أنحاء العالم الدخول إلى حوالي 50 سوقاً رئيسية للسلع، تضم المعادن الثمينة مثل الذهب، والفضة، والبلاتين، والبلاديوم باعتبارها أصولاً قابلة للتداول نظراً لقيمتها الاقتصادية العالية ومتانتها. رغم أن آسيا هي أكبر سوق للمعادن الثمينة في العالم (حيث أن الصين والهند وسنغافورة هم أكبر مستهلكين لهذه السلع)، تهيمن على سوق السلع الشركات الأوروبية والأمريكية، وتقع أكبر شركات المعادن الثمينة في كندا وألمانيا.

إن سوق تداول العقود الآجلة، الذي يتم فيه تداول الذهب والمعادن الثمينة الأخرى بنشاط إلى جانب العملات ومؤشرات الأسهم، هو متاح 24 ساعة في اليوم، باستثناء عطلة نهاية الأسبوع. بصفة عامة، يمكن شراء المعادن الثمينة بطريقتين رئيسيتين: العقود الفورية والعقود الآجلة. في حين تُستخدم العقود الفورية للشراء أو البيع الفعلي لهذه السلع والدفع والتسليم في الموعد الفوري (عادة بعد يومي عمل من تاريخ التداول)، فإن العقود الآجلة هي عقود موحدة يتفق عليها الطرفان لشراء أو بيع معادن ثمينة بكيمة معينة وجودة محددة بالسعر المتفق عليه (يسمى السعر المستقبلي) مع التسليم والدفع في تاريخ لاحق في المستقبل (يسمى تاريخ التسليم). يتم شراء وبيع العقود الآجلة دون الملكية الفعلية للسلع المتداولة ويجري ذلك عن طريق التداول عبر الإنترنت.

ما الذي يؤثر على أسعار الذهب؟

المعادن الثمينة الأكثر تداولاً هي الذهب، والبلاتين، والبلاديوم، والفضة، ويعزى ارتفاع حجم التداول على هذه السلع إلى قيمتها الجوهرية المحفوظة فيها بغض النظر عن الظروف الاقتصادية. ازداد الإقبال بشكل كبير في العقود الأخيرة على شراء المعادن الثمينة عبر الإنترنت، وحتى الملكية المادية لها، باعتبارها استثمارات طويلة الأجل. يوفر تداول المعادن الثمينة فرصاً للمهتمين بالاستثمارات قصيرة الأجل، نظراً لأن المشتقات والعقود المتداولة في البورصة هي طريقة أقل كثافة من حيث رأس المال ويمكن الاستفادة من تحركات أسعارها بسهولة.

خلافاً لمعظم السلع الأساسية التي تعتمد بشكل رئيسي على مستويات الإنتاج والاستهلاك، فإن أسعار تداول الذهب، مثلاً، لا تعتمد عليها: فهي تتبع نبض التغيرات السياسية، مما يتيح للذهب أن يُستخدم للتحوط في أسواق أخرى في أوقات عدم اليقين. بالإضافة إلى الذهب، يتداول المستثمرون البلاتين، والبلاديوم، والفضة أيضاً، ويعتبرونهم أصولاً ومخازناً للقيمة في أوقات عدم اليقين في أسواق النقد.

هناك العديد من العوامل التي تؤثر على تقلبات الأسعار ويمكن أن تُحدث تقلبات في سوق المعادن الثمينة. أحد أهم تلك العوامل هي المؤسسات المالية العالمية التي تنطوي استثماراتها على مضاربة بطبيعتها، والتي يمكن أن تسبب تحركات في الأسعار تصاعدية أو هبوطية. من العوامل الأخرى التي تؤثر على السوق هي توجهات المستخدم النهائي، التي تنشأ أساساً عن مشتري المجوهرات: الطلب على المجوهرات يجعل أسعار الأسواق المعدنية الثمينة ترتفع. كما يؤثر الاقتصاد أيضاً على أسعار السوق. إذا كان الاقتصاد ذو أداء عالمي جيد، يرتبط مستوى الثروة فيه ارتباطاً مباشراً بالطلب على الذهب وغيره من المعادن الثمينة: عندما يبحث المستثمرون عن خيارات الاستثمار التي تشكل خطراً أكبر، تنخفض أسعار بعض المعادن الثمينة في حين ترتفع أسعار معادن غيرها. أخيراً وليس آخراً، فإن التغيرات في الطلب على بعض الأصول المالية الأخرى، بعيداً عن المعادن الثمينة، تُسهم هي الأخرى في تقلبات الأسعار.

لماذا الذهب يعتبر من الأصول القيّمة؟

تعتبر المعادن الثمينة، والذهب على وجه الخصوص، رمزاً للثروة. منذ عصور ما قبل التاريخ، استُخدم الذهب للمقايضة، سواءً في شكل قطع نقدية، أو كتل، أو سبائك ثابتة النقاء والوزن، وظل الذهب أكثر الأصول قيمة ورواجاً على مر القرون. صُكت أول عملة ذهبية في عام 600 قبل الميلاد، واستمر استخدامها للتبادل النقدي (معيار الذهب) حتى الثلاثينيات. يتميز الذهب بأنه معدن موصل جيد للكهرباء، ومرن، ولا يتفاعل مع العناصر الأخرى، ويستخدم في العديد من الصناعات بدءاً من المجوهرات، والمواد الكيميائية التجارية، والإلكترونيات، وصولاً إلى الطب. لم يُستبدل الذهب كسلعة مالية بنظام العملة الورقية إلا بعد عام 1976، لكنه ظل أصلاً استثمارياً قوياً حتى اليوم.

استُخدمت الفضة أيضاً بجانب الذهب للتبادل النقدي لأكثر من 4 آلاف سنة، وظل معيار الفضة مستمراً حتى القرن 19. إن الطلب الصناعي والتجاري والاستهلاكي يجعل من الفضة مصدراً قوياً للاستثمار، ويتم تداول المشتقات مثل العقود الآجلة للفضة في أسواق الصرف المختلفة في العالم. مع ظهور التداول عبر الإنترنت، كانت المنتجات التبادلية للفضة وسيلة سهلة للمستثمرين للاستفادة من أسعار الفضة واستثمارها على المدى الطويل.

عند المقارنة مع تداول الذهب وتداول الفضة، اللذان استُخدما كأصول استثمارية منذ الحضارات القديمة، نجد أن البلاتين والبلاديوم لهما تاريخ أقصر في القطاع المالي. ومع ذلك، نظراً لندرتهما وقلة كمية إنتاجهما السنوية من المناجم، واستخداماتهما المختلفة في عدة مجالات صناعية، قد يُبعان في بعض الأحيان بسعر أعلى من الذهب. يُعد البلاتين أكثر ندرة من الذهب 10 مرات، ويرتبط البلاتين بالثروة، وقد استُخدمت سبائك الذهب والبلاتين الأبيض في عصور قديمة كما في حضارة ما قبل كولومبوس. ذُكر البلاتين في أوروبا لأول مرة في القرن السادس عشر، ومنذ القرن الثامن عشر وهو يُستخدم في المجوهرات، والسيارات، والصناعات الكيميائية، وطب الأسنان، وحتى الطب.

على غرار البلاتين، يؤدي البلاديوم أيضاً دوراً أساسياً في التكنولوجيا. منذ اكتشافه في أوروبا في القرن التاسع عشر، زاد الطلب العالمي على البلاديوم إلى حد كبير، ويُستخدم في معظم الوقت في صناعة السيارات، ولكنه يستخدم أيضاً على نطاق واسع في الطب، والصناعات الكهربائية، والمجوهرات، وبالطبع كأصل استثماري. بسبب العرض والطلب (أي تحديد سعره وفقاًً للسوق)، نجد أنه في أوقات الاستقرار الاقتصادي المستدام، يمكن أن تكون أسعار البلاتين والبلاديوم هي نفس سعر الذهب، أو حتى أعلى، في حين أن أسعارهما يمكن أن تنخفض عن سعر الذهب في فترات عدم الاستقرار الاقتصادي، مما يجعل الذهب معدناً أكثر استقراراً للاستثمار.

كيف تتداول الذهب عبر الإنترنت؟

كانت المعادن الثمينة من أكثر السلع الصلبة تداولاً منذ السبعينيات. إلى جانب تداول العملات الأجنبية (الفوركس)، فإن الاستثمار في الذهب والمعادن الثمينة الأخرى على المدى الطويل هو وسيلة شهيرة في جميع أنحاء العالم، ويُستخدم لإدارة مخاطر المحفظة في أوقات التضخم أو عدم اليقين الاقتصادي/السياسي.

العقود الآجلة هي ما يسمى بعقود المشتقات، وهذا يعني أن قيمتها مستمدة من أداء الأصل الأساسي. التخفيف من حدة المخاطر هو أحد الأغراض الرئيسية للاستثمار في العقود الآجلة للمعادن الثمينة: نظراً إلى قدرة المشتري والبائع المتعاقدين على تحديد أسعار أو معدلات المعاملات المستقبلية مقدماً، يمكنهما تجنب تحركات الأسعار الحادة أو المفاجئة التي قد تؤدي إلى زيادة الخسائر.

يمكن تداول المعادن الثمينة في كلا الاتجاهين: إذا كان من المتوقع أن يتحرك السوق صعوداً (اتجاه صعودي) يمكن دخول الصفقات عن طريق شراء العقود الآجلة (الشراء) والخروج منها عن طريق بيعها؛ أما إذا كان هناك توقع لحركة هبوطية (اتجاه هبوطي)، فيمكن دخول الصفقات عن طريق بيع عقد مستقبلي (البيع) والخروج منها عن طريق شراء عقد. هناك إمكانية أيضاً لتداول عقود آجلة متعددة، وذلك بإجراء عدة عمليات دخول وخروج منفصلة، أي الدخول في عقود بأسعار مختلفة والخروج منها بسعر واحد، أو العكس. القدرة على التداول في كلا الاتجاهين تتيح للمستثمرين تحقيق الأرباح بغض النظر عن تحركات السوق صعوداً أو هبوطاً.